لموسم المولى إدريس الأزهر بفاس , طقوس هي عبارة عن باقات جميلة , كانت تعاند الدهر مند عشرات السنين , إحدى هذه الطقوس توارت خلف صخب المدينة وزحمة اختلا ط الأصالة والمعاصرة , وافتقد فرجتها الزائر والمقيم , كما افتقد لذتها الممارس الذي كان يتعطش لحلول المناسبة السنوية , أو لنقل : تظاهرة المباريات النهائية , حيث تمتزج الروح الشعبية بالطقوس الدينية , لتؤثث الفضاء , فضاء التباري داخل فناء " سحن " الضريح – المسجد - تؤثثه ببهجة عمرها عشرات السنين , كانت بمثابة الحبل السري الذي يربط بين ما هو روحي وما هو جسدي لدى أهل الموسم -
رياضة " المشاوشة " أو " المعابزة " رياضة شعبية معجونة بعرق الصناع التقليديين , مخضبة بعمق الإنشاد , متوجة بعفوية حضور الجمهور وبوح تشجيعا ته وهي رياضة لصحة البدن , ليس لها رمز خاص ولا شعار ولا ميداليات , رياضة تعلم قوة التركيز , تساهم في بناء جسم سليم , وتجديد سلامته ليكون قادرا على الإنتاج , كما هي رياضة لإيجاد التوازن بين السلبي والايجابي في الحياة , وهي حركات رياضية ليس فيها ضرب ولا لكم , ولكنها لا تخلو من عنف , لم تنحرف يوما ولم تصنف ضمن طقوس عبا د ا ت , و لكن لها تصورات عقائدية , إلا أنها لم تكن تفتن الممارس لها عن دينه , فالمباراة تتوقف عند وقت الصلاة , ولا بد " للمشاوش " أن يصلي لله ركعتين قبل دخول التباري " التعابز " . هي رياضة طقوسية تمارس بين اثنين , كل واحد من الجماعة أو الوفد القادم إلى فاس , وعادة من مكناس وفا س وسيدي أحمد ا لبرنوصي وتيسة والنواحي , وأ حيانا من شرق المغرب وشماله , ووسط حلقة ينظمها قائد ممن هم الأكبر سنا والأكثر تقديرا , فيدخل الخصمان تحت أصوات التصفيقات والصلاة على النبي يضع كل متبار يديه على كتفي الآخر , أو يدا على الكتف ويدا على الخصر, وفي حركات راقصة , يتناوبان على رمي رجل بين فخدي بعضهما , وكل طرف يتحين الفرصة المناسبة لضرب رجل خصمه الثابتة ليسقطه , حتى إذا تمكن منه ظل ممسكا به , ليساعده على السقوط حتى لا تكون السقطة قوية مؤلمة على أرض رخامية , وأحيانا مبللة , وكل من سقط على الأرض يعتبر منهزما , وغالبا ما يحمل من يديه ورجليه ليرمى به في " الخصة " أي نافورة الضريح التقليدية , وذلك بعد سماع كلمة " شايلوه " وا ن كان المنتصر متحديا مزهوا بفوزه الأول يطالب بإدخال خصم آخر , وإلا فسيدخل متباريا ن جديدان - كانت رياضة شعبية لها مميزات , توجد اليوم في رياضة المصارعة - والجيدو والتيكواندو والتاي شي شوان - ولو أنها كانت تمارس في فضاء مجهز بما يقي من خطر السقطات العنيفة , ولو وضعت لها قوانين تبتدئ من الأعراف المتوارثة , لكانت رياضة مثل هذه الرياضات التي أصبحت عالمية , مع أن رياضتنا هذه , كانت الأسبق , ولكن لم تواكبها حملات إشهارية وإعلامية , فتوارت بعد الاستقلال , كما توارت أجواؤها الحميمة , وانخفض نبض وحرارة ما كان فيها من عواطف
- فلماذا توارت ؟ حتى لا أقول انقرضت
- هل لأنها رياضة طبقات شعبية ؟
- ألا يمكن بعثها من جديد , بشكل أكثر تنظيما , حتى تصبح رياضة لكل الأعمار ؟
- ألا يمكن قراءة تاريخنا الرياضي من خلال مثل هذه الطقوس الرياضية ؟